/الاديب- شكيب أرسلان/
صفحة 1 من اصل 1
/الاديب- شكيب أرسلان/
هو شكيب بن حمود بن حسن بن يونس أرسلان، ولد سنة 1869، في بيت عريق من بيوت الإمارة اللبنانية في الغرب، والتي يعود نسبها إلى الملك المنذر بن النعمان من أشهر ملوك الحيرة.
ولد شكيب أرسلان في بلدة الشويفات في لبنان مركز العائلة الأرسلانية، والده الأمير حمود كان محباً للأدب والأدباء، وتجتمع إليه الشخصيات الفذة في بلده، وكان مسموع الكلمة مهيب الجانب على بسطة من الحياة والرزق والجاه، وكان مديراً لناحية الشويفات فإليه ترنو أبصار بلدته وأهله وعشيرته، تزوج من امرأة شركسية الأصل أنجبت له خمسة أولاد، أخذ بيدهم إلى العلم والثقافة وكان منهم الأمير شكيب أرسلان.
تعلم شكيب في بلدته الشويفات مبادئ القراءة والكتابة والقرآن على شيخ من أهل بلدته، ثم دخل مدرسة الأميركان، وتعلم فيها مبادئ اللغة الإنجليزية، ثم انتقل إلى بيروت ليتلقى دروسه في مدرسة الحكمة المارونية، والتي كانت مشهورة بتعليم أصول اللغة العربية، والفرنسية، والتركية. ونبغ شكيب في ذلك متفوقاً وبامتياز، ونال شهادتها سنة 1886، ثم انتقل إلى المدرسة السلطانية لتعلم اللغة التركية والفقه، كما حضر درس مجلة الأحكام العدلية على الإمام محمد عبده، ولازمه في مجالسه الخاصة، حتى كان للإمام عبده أثر كبير في حياة شكيب وفي تكوينه وتوجيهه، فاتخذه مثلاً أعلى لحياته، ورأى في أدبه وسيرته ودعوته للإصلاح وعمله لخير المسلمين طريقاً يسلكها، وشعاراً يرمي إليه، ونهجاً يسير فيه، حتى غدا يقلده في خطابه وفي آثاره ومقالاته.
نظم شكيب أرسلان الشعر وهو في منتصف العقد الثاني من عمره، وظهر نبوغه في الكتابة وغطت على شعره، فبدأ يراسل جريدة الأهرام المصرية بتوقيع (ش) وظل على ذلك سنين فاستفاضت شهرته، وفي عام 1887 نشر ديوان شعره الأول وأسماه الباكورة.
سافر شكيب إلى مصر وعمره إحدى وعشرون سنة، ولازم أستاذه محمد عبده وتعرف من خلاله إلى أرقى الشخصيات في مصر، وإلى مجموعة من طلائع النهضة العربية منهم: سعد زغلول، والشيخ علي يوسف صاحب جريدة المؤيد، وكذلك أحمد زكي باشا الذي أصبح شيخ العروبة في تحقيقاته وكتبه وأدبه. وتعرف إلى كثير من الشعراء والأدباء والساسة تضيق عن استيعاب أسمائهم وأمجادهم سطور وسطور، وكان لهذه البيئة أثر في حياة شكيب حيث كانت تمثل أكبر جامعة من الجامعات دخلها وخرج منها على اطلاع وثقافة وسياسة فزادته يقيناً برسالته التي راحت تراود أحلامه وأمانيه، وهي رسالة الدعوة إلى الإسلام والدفاع عن الخلافة والذود عن العرب ومناضلة الاستعمار.
سافر شكيب إلى باريس وهناك تعرف على الشاعر الكبير أحمد شوقي، كما تعرف على جمال الدين الأفغاني في الآستانة والذي قال له: (أنا أهنئ أرض الإسلام التي أنبتتك)، واتصل بالشيخ محمد رشيد رضا وامتدت صداقتهما حتى وفاة الشيخ.
تولى شكيب مديرية الشويفات مدة سنتين بعد وفاة والده الذي كان يشغل هذا المنصب ثم مدير منطقة الشوف مدة ثلاث سنوات، كما عُين نائباً في مجلس المبعوثان العثماني مرة عن اللاذقية ومرة أخرى عن منطقة حوران، وعُين مفتشاً لجمعية الهلال العثماني، وسافر تحت لواء هذا الهلال إلى طرابلس الغرب للدفاع عن إخوانه هناك فكان يحث الهمم ويؤمن المؤن ويضمد الجرحى، كما وقف في خطوط القتال مؤمناً بأنه: (إن لم ندافع عن صحارى ليبيا، لا نستطيع الحفاظ على جنان الشام).
دعا شكيب إلى الجامعة الإسلامية في ظل الحكم العثماني، ووقف في وجه التعاون مع الغرب ـ خاصة مع فرنسا وإنجلترا ـ ضد الدولة العثمانية، واعتبره أشد خطراً على الإسلام والعرب، وكان يدعم الخلافة العثمانية في مقالاته في جريدة (الشرق) ويدعو إلى نصرة الإسلام ضد الغرب المستعمر، ويعمل على وحدة المسلمين والإبقاء على سمعة الخلافة العثمانية وقوتها وسيطرتها كما كانت في عهد الأمويين والراشدين.
وبالرغم من دفاع شكيب عن الخلافة العثمانية قبل وفي ظل الحرب العامة، إلا أنه أخيراً استاء من سياسة القائد العثماني جمال السفاح، الذي طغى وبغى وقتل ونفى وهجر حتى طفح الكيل، حيث أنقذ الأمير شكيب من مظالم جمال باشا العديد من الشخصيات السورية واللبنانية نذكر منهم فارس الخوري الذي ظل حتى آخر حياته يذكر أن شكيب أرسلان أنقذه من الموت. ثم توترت علاقات الأمير بجمال باشا لتكاثر تدخلاته، وهُدد مراراً بعدم التدخل، وقد نصحه الكثيرون ألاّ يتمادى في التدخل حرصاً على حياته. فهاجر من سورية إلى استانبول سنة 1917، وقرر ألا يعود إلى سورية وجمال السفاح فيها.
دعته الحكومة الألمانية في نفس العام لزيارة عواصمها، فلبى الدعوة، وهناك وُفق في إقناع الألمان وساسة الأتراك في إرجاع جمال السفاح إلى الآستانة. وبهذا خدم شكيب قومه وأنقذ البقية الباقية من الزعماء السوريين من حبل المشنقة، كما خدم بلاده في إعادة منفيي سورية إلى أوطانهم.
لما انتهت الحرب العالمية بإخفاق الألمان والأتراك، انتقل شكيب إلى برلين وأقام هناك حيث أسس العديد من الجمعيات وانتخب رئيساً لـ (النادي الشرقي) الذي هو مؤسسه. وهناك نهج سياسة جديدة، فبعدما وقف من الثورة العربية أول الأمر موقف المخالف لأنها كانت ضد الخلافة العثمانية فلما انتصرت وعُين فيصل ملكاً، نراه يشد أزر مليكهم وينتصر لهم ضد دسائس المستعمرين الأوربيين، وأصبح ينادي بأنه جندي من جنود الأمة العربية له ثلاثة أهداف جليلة واضحة أولها: الاتحاد، وثانيها: التحرر، وثالثهما: السير في موكب النهضة والعلم. وكان يعرب عن أمله في مستقبل العرب والجامعة العربية فيرى أن ستين مليوناً يستطيعون أن يجندوا حوالي مليون جندي على الأقل لحماية الجامعة العربية.
وقد عرف الملك فيصل إخلاص شكيب للقضية العربية، ورأى أنه كان يعمل للعرب تحت ظل الخلافة الإسلامية. فلما قضت الخلافة راح يعمل لهم تحت ستر الإسلام ضد الاستعمار. فلما دخل الفرنسيون سوريا أيقن العرب صدق آراء شكيب إزاء الاستعمار، وهو الذي كان يقول: (هذا الاستعمار استمراراً للغزوة الصليبية، تغيرت الأسماء والألقاب أم لم تتغير). لذلك وجه له الملك فيصل بعد سقوط عرشه رسالة يقول فيها: (أشهد بأنك أول عربي تكلم معي في قضية الوحدة العربية).
وكانت تغلب على مبادئ الأمير شكيب الصبغة السياسية لأنه كان يرى أن إصلاح السياسة يصلح كل شيء. وهذا الإصلاح في السياسة قد انحصر عنده منذ بدأ مساهمته في الدعوة للجامعة الإسلامية حتى انتهاء الحرب العالمية الأولى أي مدة ربع قرن في نقطتين الأولى: إصلاح الحكم الاستبدادي في الدولة العثمانية وفي سائر الدول الإسلامية الأخرى، وتقويم المعوج في شؤونها الداخلية. الثانية، تخليص الشعوب الإسلامية الواقعة تحت الحكم الأجنبي. وقد ظلت هذه النقطة الثانية مدار عمله في هذا الميدان حتى النفس الأخير من حياته.
انتخب شكيب سكرتيراً أولاً للوفد المنبثق عن المؤتمر السوري الفلسطيني عام 1921 وعضواً في لجنته التنفيذية ليكون سفيراً لهم في الغرب يدافع عن سورية وفلسطين ويسعى لتحرير هذين القطرين من براثن الاستعمار ويسعى لاستقلالهما أمام جمعية الأمم المتحدة بجنيف. لذلك انتقل شكيب عام 1925 إلى سويسرا مقر عمله وأقام في لوزان أولاً حتى عام 1930 قبل انتقاله إلى جنيف. وقد نجح وفد المؤتمر السوري الفلسطيني في إفهام القضية السورية الفلسطينية، وأثارها في العواصم الأوروبية، ونبه أنظار الأمم إلى جرائم فرنسا في بلده، وجرها إلى مراقبة أعمالها، وتحذيرها من مغبة فسادها، فنقل بذلك أصوات السوريين إلى جمعية الأمم في جنيف وأقض مضجع المستعمرين.
ذاع صيت شكيب في العالم العربي من مشرقه إلى مغربه، وأصبح موضع ثقة العرب جميعاً ومحل احترامهم وإكبارهم، وزال عنه كثير من التهم التي كانت تلصق به في العهد العثماني بسبب وقوفه في وجه العرب المعادين للخلافة العثمانية، ولقي في سبيل هذه الشهرة عناء كبيراً، إذ راح العرب والمسلمون يكاتبونه ويسألونه ويشتكون إليه، وكان عليه بعد أن زحف نحو الستين أن يجيب من يعرف ومن لا يعرف بقلمه السيال وبيانه الفياض، فأصبح في كل ناحية له رسالة من خطه تنير أو تفيد في فتوى سياسية أو تعين في مشورة.
انتخب شكيب أرسلان سكرتيراً لمؤتمر الشعوب المقهورة في جنوى، وفي عام 1923 ـ 1925 أقام في مرسين بتركيا ليكون على مقربة من سورية المتحفزة للثورات، وللقاء والدته وعائلته هناك. في عام 1926 نال شكيب أرسلان الجنسية الحجازية (السعودية لاحقاً).
كما انتخب شكيب في تموز 1926 في لجنة رئاسة مؤتمر الخلافة، وحركة مؤتمر الخلافة حركة إسلامية عارمة ثارت بعد قرار كمال أتاتورك إلغاء الخلافة في آذار 1924 وقطع روابط تركيا بالعرب والمسلمين
مواضيع مماثلة
» /الاديب-ابن خلدون/
» /الاديب-سعد فرحان /
» /الاديب-ابراهيم الخالدي/
» /الاديب-إبراهيم طوقان/
» /الاديب- الطـــاهـــر وطـــار /
» /الاديب-سعد فرحان /
» /الاديب-ابراهيم الخالدي/
» /الاديب-إبراهيم طوقان/
» /الاديب- الطـــاهـــر وطـــار /
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى