التنظيم القانوني الدولي للمسؤولية عن الاضرار البيئية.
صفحة 1 من اصل 1
التنظيم القانوني الدولي للمسؤولية عن الاضرار البيئية.
التنظيم القانوني الدولي للمسؤولية عن الاضرار البيئية.
يرى بعض الفقهاء صعوبة في تطبيق القواعد التقليدية الخاصة بالمسؤولية الدولية على الأضرار التي تصيب البيئة ، ويفضل هؤلاء الفقهاء اللجوء إلى وسائل إدارية أو فنية أو وسائل قانونية غير تقليدية من أجل تحقيق حماية فعالة للبيئة في ظل التطورات التي يمر بها المجتمع الدولي، وقد عبر عن هذه الحقيقة المبدأ رقم (22) من إعلان استو ك لهم الخ ا ص بالبيئة في عام 1972م ، وكذلك المبدأ رقم (13) من إعلان ريودي جانيرو عام 1992م ، وذلك بتشجيع التعاون الدولي من أجل العمل على تطوير قواعد المسؤولية الدولية عن أضرار التي تلحق البيئة .
وفي إطار التنظيم القانوني الدولي للمسؤولية عن الأضرار البيئية سنقسم هذا المبحث إلى المطلبين التاليين :
المطلب الأول : الصعوبات التي تعترض تطبيق القواعد التقليدية للمسؤولية الدولية في مجال حماية البيئة .
المطلب الثاني : إيجاد الحلول المناسبة للصعوبات السابقة .
المطلب الأول : الصعوبات التي تعترض تطبيق القواعد التقليدية للمسؤولية الدولية في مجال حماية البيئة .
إن الأضرار العابرة للحدود والتي تصيب مناطق تقع داخل نطاق السيادة الإقليمية لدولة أخرى يثير عدة تساؤلات تتعلق بالقواعد التقليدية للمسؤولية الدولية ،والتي يأتي في مقدمتها ما يلي :
( 1) المرجع السابق صـ146. |
المسافة : فلا يمكن أن تحدد بدقة المسافة التي تفصل بين مصدر الضرر وبين المكان الذي حدث فيه الضرر، كتلوث الهواء الجوي أو تلوث المياه بالنفايات المشعة أو بالادخنه لا يعرف حدوداً معنية .
ولكنه يمتد إلى مسافات بعيدة من الصعب تحديدها والسيطرة عليها أيضاً .
تقدير التعويض : من الصعب تقدير التعويض في حالة التلوث العابر للحدود ففي حالات معينة من التلوث كما في حالة التلوث النووي والذي لا تظهر أثاره بصورة فورية ، ولكنها تظل كامنة ثم تظهر بعد عدة سنوات وذلك كما في حادثة المفاعل النووي في منطقة تشيرنوبل في أو كرانيا في السادس والعشرين من إبريل عام 1986م ، يصعب حصر حجم الخسائر والأضرار فور الحادثة ( 1).
صعوبة حصر أنواع التلوث : ففي بعض الحالات التي تصيب النبات أو الحيوان أو حتى المباني يصعب تحديد مصدر ونوع التلوث الذي يسبب الضرر الذي يحدث نتيجة تفاعل عدة أنواع من التلوث ،وذلك كما في حالة تلويث مياه الأنهار الدولية بإلقاء النفايات أو بتصريف مياه المصانع والمفاعلات النووية .
صعوبة حصر أثار التلوث : فمن الثابت علمياً أن مصادر التلوث لا تحدث نتائج متماثلة دائماً . ذلك لأ ن الظروف الطبيعية تلعب دوراً هاماً في هذا المجال، فإلقاء نفايات ملوثه في النهر يحدث ذات الإضرار خلال فترة حركة المياه ، وهناك أيضاً عوامل أخرى مثل الرياح والشمس والضباب يمكن أن تؤثر على التلوث الجوي وهنا يصعب إسناد الإضرار إلى مصدر محدد وبالتالي يصعب المطالبة بالتعويض.
2)صعوبة تحديد فاعل التلوث : طبقاً للقواعد العامة للمسؤولية القانونية ينبغي أن يكون المتسبب في الضرر محدداً، ولكن في التلوث العابر للحدود لمسافات بعيدة أو حتى لمسافات قصيرة من الصعب تحديد المتسبب في الضرر،كما في حالة التلوث الجوي من الأدخنة المتطايرة من عادم السيارات أو من المصانع وذلك لتعدد الأشخاص المسؤولين عن هذه الإضرار.
3)صعوبة حصر الإضرار التي تلحق بالبيئة : نظراً لصعوبة إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل حدوث الضرر في حالة الضرر البيئي ، فإن مسألة حصر الإضرار تصبح ضرورية من أجل تقدير قيمة التعويض وهي مسألة من الصعب تقديرها لأنها تختلف من حالة إلى الأخرى ،بالإضافة إلى أن التقدير هنا يتم بصورة تقريبية .
(1)سعيد سالم جويلي : مواجهة الأضرار بالبيئة بين الوقاية والعلاج صـ20 ،جامعة الامارات،1999م |
بعض الاتفاقيات الدولية في مجال استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، واستخدام مركبات الفضاء وبعض حالات من التلوث فإذا لم تتوفر مثل هذه الاتفاقيات سيصعب على ضحايا التلوث البيئي تحريك المسؤولية استناداً إلى نظرية الخطأ أو نظرية الفعل غير المشروع للمطالبة بالتعويض عن الإضرار الناجمة عن أنشطة غير محظورة دولياً .
5)نظام الحماية الدبلوماسية : إذا كان الشخص الذي يتمتع بجنسية الدولة ( أ ) يقيم على إقليم الدولة (ب) وهي الدولة المتسببة في الضرر الذي لحق هذا الشخص فإنه طبقاً لنظام الحماية الدبلوماسية يمكن لهذا الشخص اللجوء إلى المحاكم الداخلية للدولة (ب) فإذا لم يت م كن من ذلك يمكنه اللجوء إلى دولة (أ) لتتولى هي مباشرة الدعوى الدولية تجاه الدولة ( ب) المتسببة في الضرر . ويقتضي نظام الحماية الدبلوماسية ضرورة توافر شرطان : فعلاوة على ضرورة تمتع الشخص بجنسيه الدولة التي تتولى حمايته ،ينبغي أن يقوم هذا الشخص باستنفا ذ طرق الطعن الداخلية ،إلا أن تطبيق هذا النظام يؤدي إلى بعض العقبات أمام المطالبات المتعلقة بالأضرار البيئة ( 1).
المطلب الثاني : الحلول المناسبة للصعوبات التي تعترض تطبيق القواعد التقليدية للمسؤولية الدولية
في ظل الصعوبات التي تع ت رض تطبيق القواعد التقليدية للمسؤولية الدولية في مجال البيئة ،ذهب اتجاه متزايد في الفقه الدولى يدعو إلى إيجاد الحلول المناسبة وذلك من خلال :
تطوير مفهوم المسؤولية الدولية : بالإضافة إلى الاتجاه المتزايد في الفقه والذي ينادي بتطبيق نظرية المسؤولية المطلقة في مجال البيئة للتغلب على المشاكل التي تعترض إقامة علاقة السببية بين التصرف والضرر الناجم عنة، يقترح البعض تطوير مفهوم المسؤولية الدولية المباشرة .
1) المرجع السابق، صـ20 |
ونظراً لان كثيرا من الأنشطة البشرية ذات الآثار البيئية الضارة بالمجتمع تتم على يد أشخاص لا تكون الدولة مسئولة مسئولية مباشرة عنهم إلا أن هذه الأنشطة تخضع من حيث المبدأ لرقابة وإشراف الدولة من حيث منح التراخيص أو فرض نوع من الرقابة والإشراف، ومن هذه الزاوية يمكن أن تكون الدولة مسؤولة مسئولية مباشرة وليست غير مباشرة ، وهو الأمر الذي يحقق نوعا من فعالية مسئولية الدولة يتفق ومتطلبات حماية البيئة، وطبقا لهذا المفهوم تل ت زم الدولة باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمنع الأشخاص الخاضعين لاختصاصها من القيام بأية أنشطة ضارة بالبيئة فإذا لم تقم الدولة بالتزاماتها تعرضت للمسئولية الدولية .
تطوير القواعد الإجرائية المتعلقة بتسوية المنازعات البيئية :
ذهب بعض الفقهاء إلى ضرورة تطوير مفهوم الحماية الدبلوماسية بما يتفق ومتطلبات حماية البيئة ،وذلك من الشرطين اللازمين لأعمال هذه الحماية ،ويرى هؤلاء الفقهاء أن شرط الجنسية ليس لازما في تحريك دعوى المسئولية الدولية عن الأضرار البيئية . فالفرد المضرور يمكن أن يكون متمتعا بجنسية الدولة المدعى عليها ويستند حق الدولة في المطالبة بالتعويض في هذه الحالة إلى قواعد القانون الدولي التي تكفل لها حماية إقليمها من أية أضرار خارجية، ولا تمارس الحماية الدبلوماسية في حالة الضرر البيئي إلا في حالة عدم وجود علاقة( الإقامة ، تعاقد بين الطرفين ) بين المضرور والدولة المتسببة في الضرر ،فإذا مارست الدولة الحماية الدبلوماسية فإن ذلك يكون في نطاق اختصاصها الشخصي ( ويتحقق مثل هذا الفرض في المناطق خارج السيادة الإقليمية للدول مثل منطقة أعالي البحار والفضاء الخارجي والمناطق القطبية ) .(1)
أما بالنسبة لشرط استن ف اذ طرق التقاضي الداخلية ، فمن الثابت أن قاعدة استنفاذ طرق الطعن الداخلية تستند إلى الخضوع الإرادي من قبل الشخص الذي يوجد بينه وبين الدولة مصدر الضرر ثمة علاقة ( تعاقد-إقامة... الخ ) وان لم تكن هذه العلاقة موجودة أو لم يعبر هذا الشخص عن إرادته في الخضوع لمثل هذا النظام القانوني في تلك الدولة ، فان قبل هذه الحالة ،يكون ضحية العمل مخالف تجاه دولته ، كما في حالة إقامة هذا الشخص في دولته ، هنا يجوز للدولة تحريك دعوى بالمسئولية دون الالتزام بشرط استنفاد طرق الطعن الداخلية.
وعلى عكس ذلك الاتجاه سارت اتفاقية المسئولية الدولية عن الأضرار الناجمة عن الأشياء الفضائية عام 1972 حيث لا تشترط المادة (7) من هذه الاتفاقية ضرورة استنفاد طرق الطعن الداخلية ، وتبعا لذلك تكون للمضرور حرية الاختيار في أن يتقدم مباشرة لحكومته لمطالبتها بالتدخل ، أو أن يتقدم مباشرة بدعوى تعويض أمام المحاكم القضائية أو الأجهزة الإدارية للدولة التي قامت بإطلاق الأشياء الفضائية التي حدثت الأضرار .
2) حازم محمد عتلم،المنظمات الدولية الاقليمية والمتخصصة،دار النهضةالعربية،القاهرة،2002م |
وبالإضافة إلى ما سبق ورغبة في تذليل الصعوبات التي تعترض الحصول على التعويض المناسب عن الأضرار البيئية، تم إبرام عدة اتفاقيات تستهدف ضمان تلقي المضرورين للتعويض الملائم دون أن يؤدي ذلك إلى توقف الأنشطة، نجد أمثلة لهذه الاتفاقيات في الأنشطة المتعلقة بتشغيل السفن والمنشئات النووية ،وكذلك السفن التي تقوم بنقل البترول .( 1 )
ونختم موضوعي بهذا الدعاء عسى الله ان يستجيب لنا.
اللهم ارحم جميع اموات السلمين آمين آمين يارب العالمين. يااخواني في الله غيروا المنكر ولو في قلوبكم اهل غزة في محرقة
نطلب الله جميعا ان تستفيق هذه الامة من غفلتها. وتتوب الى خالقها.من كثرة المعاصي ومخالفة ما اوصى به نبيها .
سيدنا محمد عليه ازكى الصلوات والسلام .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى