منتديات الجيلالي بونعامة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

//هنا شعب يعاني//

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

//هنا شعب يعاني// Empty //هنا شعب يعاني//

مُساهمة من طرف ahmed_you7 الأحد ديسمبر 21, 2008 4:45 pm

دق جرس الفسحة و فرّ التلاميذ من الصف صارخين , فرحين. الساعة تشير إلى التاسعة و الربع صباحا" . و خرج عبود من الصف و راح يتمشى بطيئا" نحو الماء و هو يبلع بزاق فمه جوعا" . فتح صنبور الماء و شرب جرعتين مالحتين أو ثلاثة و هو يسمع ( غُلبُ الماء ) حين ينصب في بطنه . أصابته حالة غثيان و بدأت تظهر علامات الضعف على وجهه , فاصفر وجهه و أرتعش جسمه و تسرعت دقات قلبه جوعا" . لأنه كان قد بحث عن الخبز في منـزلهم عندما أفاق من النوم فلم يجد حرفا" منه . و تذكر أن البارحة لم يشبع بقدر الكفاية , لأنّ الخبز الذي قد هيئته أمه أمس كان قليلا" ولم يبق منه حرفا" لإفطار الصباح, فلذا ذهب للمدرسة دون أن يأكل شيئا" أو يشرب . فبينما كان يتمشى نحو الماء , خطى مغرورا" , قائلا" في نفسه: سألزم نفسي عن القي , أنا قوي كالحصان , مع أني لم افطر بقيمر أو حليب أو بأي شئ آخر . أم في الحقيقة أنا لم أشعر بالجوع أبدا" . و يرى عبود التلميذ الفارسي و هو ابن القائم مقام , جيوبه مملوئة بالفستق و بأنواع الحلويات , و يتنعم بأكلات ملونة و جميلة . و يسمعه عبود حين يتكلم مع أصدقائه إذ يقول أنا آكل ما أشاء دائما " ) فيوشك صدر عبود أن ينفجر من شدة الحرارة و الضيق , فيقول في نفسه : المحتل في نعيم و أهل البلد في جحيم , أعدل هذا بحق السماء ؟
فسأل أمه يوما" : أماه ! من أين يأتي القائم مقام بهذه الثروة كلها ؟
أجابت أمه : يا ولدي , إنه يسرقها من نفطنا . وسأل عبود ثانية : أماه ! و كيف نسمح له بأن يسرق نفطنا ؟
فألقت عليه أمه نظرة ممزوجة بالحب و الحنان و قالت :كف عن هذه الأسئلة و أهتم بدراستك يا عبود , فالوقت مبكرا" لك لمثل هذه الأسئلة . قال : أماه ! أنا لم اعد طفلا" , فلقد كبرت و لي الحق بمعرفة الحقيقة . فأجابت أمه على سؤاله و قالت : لأن أكثر شعبنا لا يضحي بغاليه و نفيسه , لو كان الشعب الأحوازي مناضلا" كأبيك لما سرق الفرس ثرواتنا . فيسيطر الغضب على أعصاب عبود , إنما ليس قادرا" على فعل أي شئ . كان أبوه عبد القادر موظفا" في مصنع يقع بالقرب منهم , و كان يدرس في الجامعة أيضا" و هو عضو في حزب سياسي أحوازي يعمل سرا" , و جده شيخ يبلغ الثمانين من عمره , و كان يخالف ابنه عبد القادر كونه يناضل لجل الحرية و الاستقلال , فيقول ناصحا" ابنه : عملك في الحزب عبث , لا يجلب لنا غير الدمار و الفقر , فدع المشاكل جانبا" يا بني . فيبتسم عبد القادر باحثا" عن جواب بسيط يقنع به أباه حتى لا يلجأ إلى أدلة سياسية أو ثقافية يصعب على الشيخ استيعابها فيقول : ليتك تتنعم بهذه الثروة مثلي . فيسأل الأب أية ثروة هذه ؟
و يقول عبد القادر : ثروة الإيمان بالحق . ثم يواصل و يقول : أريد أن أجلب لك السعادة و الخير يا أبي, أريد أن أطرد الفرس من وطننا , نريد أن نصبح ثريين كالكويتيين . ألم تسافر للكويت بحثا" عن العمل يا أبي ؟
ألم تراهم كيف يعيشون في نعيم نفطهم ؟ إن مثل ذلك النفط يوجد في أراضينا و أن الفرس يسرقونه كله , نريد أن نأخذ حقنا منهم يا أبي , الساكت ------ فقام الشيخ قبل أن يكمل الابن حديثه , ثم خرج من الدار و كان يسمع صوت ابنه يرن في أذنه : الساكت عن الحق شيطان اخرس . الساكت عن الحق------ فبدأ الشيخ يكلم نفسه همسا" فيقول : هل تظنـنـي أبلها" يا بني ؟
إني أعلم إن لنا حقا" واضحا" كوضوح الشمس في السماء و أنه مسلوب من قبل الفُرس , إنما أخاف عليك و على أسرتك, أخاف عليك من شر الحكومة , أخاف على أسرتك أن تضيع من بعدك . ثم تمشى الشيخ نحو الشاطئ و كان يسمع صدى حديث ابنه دائما" – الساكت عن الحق شيطان اخرس --أخرس --- عدة أيام مرت و اُعتقل عبد القادر حين كان ينشر إعلاميات الحزب و حُكم عليه بعشر سنين في السجن . سجنُ الوالد كان صدمة لعبود , كان خسارة لا تُعوض , فمراهق كعبود بحاجة ماسّة لخيمة والد تحفظه من عواصف الدنيا و بلاياها . فأصبح بعد أن سُجن أبوه , مكسور الخاطر ,قليل الكلام , حزينا" لا رغبة له بالطعام , إن نام لا يغفو في الحال كالسابق, و إن غفا رأى كوابيس تخيفه و ترعبه , إن تمشى مع أصدقائه لا يمرح و لا يفرح . و لكن مع كل هذه المعانات , فقد نجح في الصف الخامس الابتدائي و راح يسجل في المتوسطة . و حينما كان يكتب أسمه سكرتير المدرسة و هو من الفُرس سأله : في أي مدينة وُلدت ؟ ( علما" بأن اسم المكان الذي قد ولد فيه عبود , كان قد كُتب في سجل عبود , إنما أراد السكرتير أن يُضحك زملائه الفرس الذين كانوا جالسين بقربه . فأجاب عبود : ( شادكان ) . فضحك الفرس الحاضرون من أحشائهم و كأنهم لا يعلمون أن جدهم المجرم , رضا خان البهلوي المستعمر , قد اعقد هيئة غيّرت أسماء مدننا العربية إلى الفارسية بعد أن احتل الأحواز و أسّر الشيخ خزعل , فغيروا اسم الفلاحية إلى شادكان و الخفاجية إلى سوسنجرد و المحمرة إلى خورمشهر و ---- و الفلاحية مدينة فقيرة , و كان و ما زال سبب فقرها الاقتصادي و الثقافي الفرس طبعا" , لأنهم حرموا أهل هذه المدينة من أقل إمكانات يستحقها كل إنسان . فصار الفرس يسخرون من أهل الفلاحية دائما" . فحين ضحك الفرس بسخرية , خنقت العبرة عبود و أوشكت دموعه أن تنهمر على خديه و لكنه سكت , و هو يعض شفتيه غضبا" . ثم رجع إلى البيت و دمه يفور من حقد الفرس , فيقول بصوت مرتفع : أينك يا أبي ؟ كنت لا تسمح لأحد أن يسوء إلي وجعلوني سخرية اليوم . آه يا أبي , كم أحب أن أكون إلى جوارك أينما كنت . و لما حان يوم الذهاب إلى المدرسة و حضر عبود في المدرسة بملابسه المدرسة , أمر الناظر المساعد التلاميذ أن يشكلوا طابورا" , ثم يقرئوا معا" النشيد الوطني الايراني , فقرأ التلاميذ سوى عبود :
سر زد از افق مهر خاوران****** جمهوري اسلامي إيران
كان التلاميذ يترنمون بالنشيد الايراني بينما كان عبود يتذكر كلام أبيه : يا بُني , إن هذا النشيد , نشيد الأعداء , الأعداء الذين منعوك من أن تدرس بلغتك . و حين ارتفع علم إيران و وقف التلاميذ باحترام , أغر و رقت عينا عبود بالدموع و تذكر قول أبيه عندما كانا يتمشيان في المنتزه يوما" : يا ولدي نحن نطمح أن نرفع العلم الأحوازي كي يرف عاليا". بعد مضي فترة من اعتقال عبدالقادر بدأ وضع الأسرة يتدهور و أدرك عبود أن طعامهم لا يكفيهم و لا يشبعهم , فلم يسمح له كبريائه أن يرى أخته تنام و هي جائعة . فصمم أن يجد عملا" كي يعمل , و لكنه ما زال صغيرا" . فكان يرى بائعي السجاير على أرصفة الشوارع مبسطين , فقرر أن ألا تخاف الله في نفسكس هذه المهنة وقتا" و يواصل دروسه في الوقت الآخر , فطرح الفكرة لأمه و جده , رفضت أمه في البداية و لكنها لما رأت فراغ دخلهم , سمحت لعبود أن يبيع السجاير , فكان يعز عليها أن ترى ولدها يُعذب بمتاعب الحياة و هو صغير , و لذا بدأت تمارس الخياطة و تحصل على أجرة قليلة , إنما هذه الأجرة لا تكفيهم مؤونة . ذهبت الأسرة لتزور عبد القادر المسجون في سجن الاحتلال يوما " , و لما عرف الأب أن ابنه اضطر للعمل تأذي كثيرا" و همس : لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم . أين تفرون من عذاب الله أيها الفرس ؟
ثم أراد أن يمنع ابنه من العمل , لكنه كان يعلم بصعوبة تكاليف الحياة و لو لا عملُ عبود لبقت الأسرة بلا طعام . فشجع عبد القادر ابنه عبود و اقترح له أن يبدل عمله بعمل ثان موضحا" ذاك : يا ولدي أن السجاير لا تخدم شعبنا بل تضره , فأبحث عن عمل ثان تخدم من خلاله شعبك . فاصبح عبود يبحث عن عمل ثان يرتضيه أبوه , تذكر أن لديهم ( فرغون ) لكنها تحتاج لبعض التصليح , فصلحها و ذهب للسوق و قام يحمل مسواق النساء اللواتي يتسوقن حاجات لسن قادرات على حملها , فيحملها بفرغونه و يحصل على أجرة لا بأس بها . مضت الأيام على هذه الحالة , فتهل الأهلة هلال تلو الهلال , إلى أن ظهر في الأفق هلال شهر رمضان , فكان أفراد الأسرة يفطرون بطعام بسيط يشتريه الجد بالأجرة التي يحصل عليها عبودمن خلال عمله و من أجرة الخياطة التي تقوم بها أم عبود. مرت أيام شهر رمضان بسرعة و أقترب العيد . ذلك الغروب لا يشم عبود رائحة عيد الفطر , فكل الأطفال قد اشترى آبائهم ما يعجبهم من الملابس , و عبود لم يُشترى له أي رداء . فضاق صدره و احمرت عيناه ثم قال في نفسه : من حسن الحظ , يعطل الإيرانيون لعيد الفطر يوما" واحدا" فقط . و بكرته سنحضر للامتحان في المدرسة , إذن سوف لا أخرج من البيت يوم العيد كي لا يراني أصدقائي و أنا لست مرتديا" ملابسا" جديدة . و عندما نحضر للامتحان , سيصبح الوضع كما سلف و سينسى التلاميذ العيد و ملابس العيد و هم مضطربون وقت الامتحان . إنما تلك الليلة رفض جفنا عبود أن يغمضا و كأنّ ملحا" ناعما" يمنعهما من الغمض . فمسك قلما" و بات يكتب : رسالة إلى الفرس
كفاكم غطرسة أيها الفرس , كفاكم جبروتا" , ألم تملكوا ذرة من الإنسانية ؟
إلى متى تتمتعون بعذابنا ؟
إلى متى تخفون حقيقة أمرنا ؟
إن كنتم مسلمين حقا" فأعلموا إن الله سوف لن يغفر عملكم الشنيع هذا . اعلموا أيها الطغاة أن دم مناضلي الأحواز سوف لن يذهب سُدىً ------
رسالة إلى الحكومات العربية
أيها العرب , أما تعلمون أن شعبا" عربيا" قد احتل الفرس أراضيه ؟
أما تعلمون أننا قد سُلبنا من حقوقنا ؟
أيها العرب اعلموا أن ( هنا شعب يعاني ) فإلى متى تسمحون للفرس أن يذلوننا و يستمرون باستعمار أحوازنا ؟
رسالة إلى أبي العزيز
أبي العزيز , كلما تذكرتك اندفع الدم في عروقي , فأنك نبراس للمبارزة يهتدي بك المناضلون . و في هذه الليلة و قد فات نصفها , أحس بنسيم شموخك يلاعبنـي , فقد علمتنـي أن لا أكون ضعيفا" , فها أنا أكافح لجل الحياة , أكافح كي أظل حيا" , سأتابع دراستي و ستجدني يا أبي العزيز ناجحا" حتما" , سأصبح مهندسا" مهما صعبت الأمور , سأصبر على الأذى و قد علمتنـي ( بأن الصبر يتبعه الظفر )
ahmed_you7
ahmed_you7
في طريق التعلم
في طريق التعلم

ذكر
عدد الرسائل : 673
العمر : 32
الموقع : www.bounama.mam9.com
العمل/الترفيه : sport
المزاج : good
تاريخ التسجيل : 21/09/2008

http://www.bounama.mam9.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

//هنا شعب يعاني// Empty رد: //هنا شعب يعاني//

مُساهمة من طرف ahlem الثلاثاء يوليو 17, 2012 1:18 am

قصة رائعة جدا يا أحمد
ahlem
ahlem

انثى
عدد الرسائل : 94
العمر : 32
الموقع : http://www.afwajala7iba.net/up/get-5-2008-fas0mj98.jpg
العمل/الترفيه : sport
المزاج : ouvert
تاريخ التسجيل : 02/10/2008

http://www.afwajala7iba.net/up/get-5-2008-fas0mj98.jpg

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى